تحت شعار «اليوم للغد» أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- عام 2023 «عام الاستدامة» في دولة الإمارات العربية المتحدة. ومنذ ذلك الحين باشرت دولة الإمارات في سنِّ القوانين، وإرساء البنية التحتية، ليعلو اسمها عالميّاً بتوطين مفهوم الاستدامة.

وكما قال سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- إنه «من خلال عملنا وجهودنا ومبادراتنا اليوم نصنع غداً أفضل لنا ولأبنائنا وأحفادنا، لنترك إرثاً إيجابيّاً للأجيال المقبلة، كما ترك لنا الآباء والأجداد». ومن هذا المنطلق تركِّز دولة الإمارات على تحقيق أهداف التنمية المستدامة للوصول إلى الطاقة النظيفة، والحصول على غذاء كافٍ بحلول عام 2050.

وتؤدِّي الجينات دوراً مهمّاً في الاستدامة، إذ تحتوي الكائنات الحية على جينات تتحكَّم في تطورها ونموها وتحمُّلها الظروف البيئية المختلفة، فعلى سبيل المثال تساعد الجينات المرتبطة بمقاومة الجفاف على تطوير ونمو أشجار ونباتات قادرة على تحمُّل ظروف الجفاف الشديد، كما تسهم الجينات في تكيُّف الكائنات الحية مع التغيُّرات المناخية والتلوث. ويبحث علماء النبات في جميع أنحاء العالم عن طرق لتحسين مرونة المحاصيل الزراعية، وتعزيز قدرة النبات على مقاومة الإجهاد، ومكافحة الأمراض والآفات الزراعية التي ظهرت حديثاً. ويُسلِّط علماء النبات الضوء على طرق يمكن أن تؤمِّن القدر الكافي من الطعام العالي الجودة، بهدف إطعام العالم الذي يزداد سكانه عدداً، عبر استعراض آخر تقنيات علم الجينوم، بما في ذلك التحوير الوراثي، واستخدام تقنية «كريسبر» لتحقيق هذا الهدف.

وبحلول عام الاستدامة انطلق برنامج أبوظبي للجينوم الزراعي، بالتعاون مع المراكز البحثية الرائدة في الدولة، ليسهم في إنجاز أهداف دولتنا الحبيبة لتحقيق الأمن الغذائي. ولو تأمَّلنا تسلسل الأحداث، لوجدنا أن قيادتنا الرشيدة كانت لها نظرة ثاقبة حين استثمرت مصادرها في إنشاء بنية تحتية في مجال بحوث علم الجينوم استعداداً لهذه اللحظة، ففي عام 2014 انطلق مركز خليفة للتقانات الحيوية والهندسة الوراثية في جامعة الإمارات، ويركز الباحثون من خلاله على تطوير محاصيل زراعية قادرة على تحمُّل الضغط البيئي. وبناءً على ذلك طور المركز ثلاث منصات بحثية، بما فيها الهندسة الوراثية، وعلوم الجينوم، والمعلوماتية الحيوية، والبحوث التطبيقية، لتحسين المحاصيل الزراعية.

وإلى جانب ذلك تتابعت المراكز البحثية، وبرامج أخرى مماثلة، في أبوظبي ودبي والشارقة، لتحقيق الهدف السامي نفسه. وقد آن الأوان لحصاد هذا الاستثمار الرائد من نوعه على الصعيدَين الإقليمي والعالمي. وإننا لنفتخر بوجود هذه البرامج النوعية، التي تجعل دولتنا الحبيبة في مصافِّ الدول المتقدمة، لتكون مرجعية علمية في مجال علم الجينوم الزراعي. وهذا ليس بغريب على دولة الإمارات، التي عودتنا دائماً أن نكون في المركز الأول، كما يقول سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم -رعاه الله-: «أنا وشعبي نحبُّ المركز الأول».

د.نورة الظاهري

أستاذ مساعِد في قسم الوراثة والجينوم في جامعة الإمارات. ومستشارة في علم الوراثة السريرية وعلم الوراثة البيوكيميائية (الأمراض الاستقلابية) في مستشفى توام بالعين.